الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية كلام مستشار ترامب يرعب التونسيين: تهديدات حقيقية أم تنبؤات فايسبوكية؟

نشر في  19 أفريل 2017  (12:30)

مازالت التدوينة المنشورة من قبل وليد فارس مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مازالت حديث الشارع التونسي ومحل اهتمامه ومحور تساؤلاته كيف لا وهي التي حذّر فيها فارس الحكومة التونسية من معطيات خطيرة تفيد بوجود محاولة مشتركة بين الإسلاميين في تونس وليبيا لإسقاط الحكومة  وضرب الديمقراطية الناشئة في بلادنا..
ولعلّ ما زاد الطين بلة أنّ المعطيات التي نشرها الأمريكي وليد فارس تزامنت مع موجة الاحتجاجات التي تشهدها مناطق عدة في البلاد على خلفية مطالب اجتماعية بالاساس مما غذّى التخوّفات المتزايدة من استغلال اطراف مشبوهة لهذه الاحتقانات لاستثمارها لتنفيذ مخططاتهم النكراء..
 أخبار الجمهورية ارتأت في هذا الإطار تسليط الضوء على ما جاء في تدوينة مستشار الحملة الانتخابية لترامب وليد فارس حول تونس، وقراءة ما بين أسطرها من خلال تصريحات خاصة تكتشفونها تباعا..

أحمد ونيس يوجه هذه الرسائل

كان لأخبار الجمهورية اتصال خاص بوزير الخارجية الأسبق والديبلوماسي أحمد ونيس لاستبيان قراءته لمنشور وليد فارس وما اثاره من ردود فعل مختلفة، فأعرب في مستهل حديثه عن استغرابه الشديد من طريقة نشر معطى بهذه الخطورة من قبل مستشار الحملة الانتخابية لترامب على الشبكات الاجتماعية..
 في سياق متصل أشار أحمد ونيس الى  أن المسؤولية الديبلوماسية السامية تفرض عدم نشر مثل هذه المعطيات عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي وإنما من خلال العلاقات الرسمية الديبلوماسية حتى يأخذ كل طرف مسؤوليته سواء في تونس أو في أمريكا التي أبدت مناصرتها للثورة الديمقراطية التونسية..
هذه المناصرة تجسّمت من خلال معاملات الرئيس الأمريكي الجديد مع تونس إبان مسكه بزمام الحكم حيث انه اتصل شخصيا برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي فضلا عن الزيارة التي أداها وزير الخارجية التونسية إلى زميله الجديد  ريكس تيلرسون في واشنطن وفق تصريح محدثنا..
الديبلوماسي ونيس قال في معرض مداخلته مع اخبار الجمهورية إنّ «الوطن الأمريكي هو وطن مدرك لأهمية الدولة التونسية وتاريخها العريق وهو ما سيكون له انعكاسات ايجابية على علاقاتنا الرسمية الدبلوماسية التي ستكون متميزة ومنبنية على المصالح المشتركة».
على صعيد آخر، لم يستبعد أحمد ونيس أن يكون فعلا هنالك خطر يهدد البلاد التونسية ذلك أن عدو ديمقراطية العالم العربي، هو عدو متفش بالنسبة للأنظمة العربية القائمة وبالنسبة للعقليات المتخلفة عند الإسلام السياسي المتزمت التي تحبك الدسائس  من اجل إخفاق التجربة التونسية وإفشالها حتى يتم القضاء على ما يسمى بالربيع العربي وفق تعبيره..
في ختام مداخلته شدّد محدّثنا على أن ثقته بالنظام التونسي كاملة وبأنه سيكون على قدر كبير من اليقظة والاستعداد والتأهب لمجابهة هذه الأخطار المحتملة والتي سيتمكن من القضاء عليها بلحمته مع القاعدة الديمقراطية التونسية..

علي الزرمديني يدق ناقوس الفزع

من جهته أكّد الخبير الإستراتيجي والأمني العميد المتقاعد علي الزرمديني  في قراءته لما جاء في منشور وليد فارس أن التقاليد الديبلوماسية تملي في مثل هذه الحالات ضرورة التعامل على المستوى الرسمي الديبلوماسي بين البلدين عوض  اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لما تتضمنه من لبس كبير وزور وغموض..
وقال محدّثنا ان ما جاء في منشور وليد فارس غير مستبعد على اعتبار أن هنالك العديد من الأطراف الداخلية والخارجية لا تتمنى الخير لبلادنا وتتربّص بها قصد السعي إلى زعزعة النظام والكيان المجتمعي الخاص بها، فضلا عن وجود أطراف محرّضة داعية إلى الفتنة والانشقاق، مشيرا إلى بعض الشعارات الخطيرة التي تمّ رفعها كفصل الجنوب عن الشمال وتجزئة البلاد والتي تصب كلها في ذات المنحى الذي أشار إليه المستشار الأمريكي..
 وشدّد الخبير الاستراتيجي على أن الجماعات الإسلامية المقاتلة بكل توجهاتها مازالت إلى غاية اليوم وتتربّص بتونس وتسعى إلى خلق الفوضى بها وبث كل ما من شأنه أن يربك مجتمعها وتحويله الى مجتمع متأخر لسنوات وقرون، مشيرا إلى أن هذه المعطيات الواقعية الميدانية تعكس نفس الاستنتاج الذي ذهب إليه وليد فارس حتى وان لم يتأكد بعد..
في ذات السياق اعتبر الزرمديني أن تونس ما زالت على «فوهة البركان»، وأعداؤها أكثر من أصدقائها وأن هنالك أطرافا «على الربوة» تترصدها وتنتظر لحظة الصفر لتنفيذ مخططاتها الجهنمية التي برزت في جل الفيديوهات والمراسلات التابعة للجماعات الإرهابية وظهرت في كل التحقيقات التي تمت مع الأطراف التابعة لهم والتي تبيّن أنها على تواصل مع جماعات إرهابية خارج تونس تجهز للعودة إليها وإعلان الجهاد المطلق..
 وواصل الزرمديني حديثه معنا قائلا «إذن ومن خلال كل هذه القراءات ورغم تقدم تونس في معركتها ضد الإرهاب والقضاء على العديد من العناصر فإنّ التهديدات مازالت قائمة وبنفس الجدية وأكثر، فاليوم لحظة الغفلة تلعب لصالح الطرف المقابل في يسعى إلى هّز الكيان المجتمعي حيث انّ كل ما قام به ماهو إلا دليل على مراحل تمهيدية تتلوها مراحل خطيرة أخرى لا يمكن لها أن تُبنى إلا من خلال الفوضى الخلاقة»..
وتابع قوله انه وبالعودة إلى تصريحات القيادي الإسلامي في ليبيا عبد الحكيم بلحاج التي أفاد فيها بأن إشعال فتيل الحرب في طرابلس سوف يمتد إلى تونس والجزائر، فإنه يمكن الجزم أنّ هذه التصريحات لم تأت من فراغ بل من واقع تعد له الجماعات الإرهابية لإدخال المنطقة كاملة في حرب لا تنتهي على غرار ما يحصل في الشرق الأوسط..
وتوجه محدّثنا في المقابل برسالة إلى كل التونسيين مفادها انه يجب عليهم الحذر من كل مؤشرات الفوضى الخلاقة التي يمكن لها أن تستغل الحراك الاجتماعي أو من خلال الدعوات إلى إسقاط الحكومة وضرب المؤسسات والتخلي عن مساندتنا للمؤسستين الأمنية والعسكرية..
كما توجّه في ذات السياق برسالة أخرى إلى المؤسستين الأمنية والعسكرية جاء فيها «يجب على المؤسستين الأمنية والعسكرية الوعي بأنهما في حرب متواصلة بلا هوادة وان النصر لم يحصل بعد طالما أن الوضع الإقليمي الذي نرتبط به ما زال على هذه الصورة والشاكلة المتدنية من التدهور وأجدد ختاما القول ان الأعداء أكثر من الأصدقاء»..

وليد فارس يعقّب على الجدل الـــذي أثــــاره..
 
على صعيد آخر أطل مستشار الحملة الانتخابية للرئيس الامريكي دونالد ترامب وليد فارس، اطلّ من جديد ليعقّب على ردود الفعل الكبيرة التي أثارها منشوره المقتضب على صفحته الخاصة بالفايسبوك المتعلقة بتحذيره من محاولات إسلامية متطرفة في تونس بإعانة فصائل اسلامية ليبية بإسقاط الحكومة الحالية وإحباط التجربة الديمقراطية في بلادنا..
ووفق ما رصدته أخبار الجمهورية فإنّ مستشار ترامب وليد فارس نشر في اليومين الفارطين توضيحا مطولا على صفحته الرسمية تساءل من خلاله عن سرّ التفاعل الطوفاني الهائل مع «تغريدته» القصيرة التي جذبت انتباه المجتمع التونسي وحتى الدولي فضلا عن ردّات الفعل الغاضبة التي صدرت عما وصفهم بمعسكرات الإسلاميين الساعين الى تقوية نفوذهم والتي وصلت الى حد الهيستيريا..
وأشار الى ان ردود الفعل المذكورة تثبت وجود مسألة عميقة في تونس جذبت اهتمام المجتمع المدني، موضحا في ذات منشوره ان هنالك عددا من النقاط قد خضعت لبعض التأويلات مما أدى الى إخراجها عن سياقها ومن بينها انه لم يتحدّث عن محاولة مشتركة بين فصائل اسلامية تونسية-ليبية لتنفيذ انقلاب للسيطرة على الحكم في تونس بل تحدّث عن محاولتهم اسقاط النظام الحالي مشدّدا على ان المعلومات التي ذكرها ليست معطيات رسمية حكومية وانما تم استقاؤها من قبل خبراء متخصصين..
 كما نوّه وليد فارس الى انه لم يقصد جماعة اسلامية بعينها ـ يبدو هنا انه يلمّح إلى حركة النهضة ـ بل اكد انه تحدّث عن فصائل اسلامية متطرفة في ليبيا على علاقة تعاون وثيق ومشترك مع جماعات إسلامية متشددة في تونس، مقدما في المقابل تحيته الى قوى المجتمع المدني في تونس ومعربا في آن عن احترامه الكامل للحكومة المنتخبة الديمقراطية الحالية في البلاد على حد تعبيره..
تجدر الاشارة الى ان مستشار ترامب أكّد ان كل المعطيات التي ساقها في منشوره السابق هي معطيات معروفة ولم تأت بأي جديد..

إدارة دونالد ترامب تتنصّل؟
 
في ذات السياق أكّدت مصادر من الدائرة الاستشارية في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصحيفة الشروق أنّ ما جاء في تدوينة وليد فارس أحد مستشاري الحملة الانتخابية لترامب، حول تونس، لا يمثّل الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية الجديدة التي مازالت تنظر إلى التجربة التونسية بإعجاب وتلتزم بالعمل على دعمها وإنجاحها.
 كما نفت مصادر رسمية لذات المصدر ما راج حول استدعاء الخارجية الأمريكية لسفير تونس في الولايات المتحدة الأمريكية فيصل قويعة على خلفية ما جاء في تدوينة فارس.

اعداد: منارة تليجاني